قوله تعالى :﴿ قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ﴾ أي من جُعل على تبليغ الوحي وكنى به عن غير مذكور.
وقيل هو راجع إلى قوله :﴿ أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذكر مِن بَيْنِنَا ﴾ [ ص : ٨ ].
﴿ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين ﴾ أي لا أتكلف ولا أتخرص ما لم أومر به.
وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : من سئل عما لم يعلم فليقل لا أعلم ولا يتكلف ؛ فإن قوله لا أعلم عِلمٌ، وقد قال الله عز وجل لنبيّه ﷺ :﴿ قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين ﴾.
وعن رسول الله ﷺ :" للمتكلف ثلاث علامات ينازع مَن فوقه ويتعاطى ما لا ينال ويقول ما لا يعلم " وروى الدَّارَقُطْنِي من حديث نافع عن ابن عمر قال :" خرج رسول الله ﷺ في بعض أسفاره، فسار ليلاً فمروا على رجل جالس عند مَقْرَاة له، فقال له عمر : يا صاحب المَقْرَاة أوْلَغت السباع الليلة في مَقْرَاتك؟ فقال له النبي ﷺ :"يا صاحب المَقْرَاة لا تخبره هذا متكلِّف لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور" "
وفي الموطأ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب : أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضاً، فقال عمرو بن العاص : يا صاحب الحوض! هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر : يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع وترد علينا.
وقد مضى القول في المياه في سورة "الفرقان".
﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ ﴾ يعني القرآن ﴿ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ من الجن والإنس.
﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ ﴾ أي نبأ الذكر وهو القرآن أنه حق "بَعْدَ حِينٍ" قال قتادة : بعد الموت.
وقاله الزجاج.
وقال ابن عباس وعكرمة وابن زيد : يعني يوم القيامة.
وقال الفراء : بعد الموت وقبله.
أي لتظهر لكم حقيقة ما أقول :"بَعْدَ حِينٍ" أي في المستأنف أي إذا أخذتكم سيوف المسلمين.