لقد تجادل الملائكة في شأن آدم عليه الصلاة والسلام - حين قال اللّه تعالى إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً - فقالوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ فإن قلت : كيف يجوز أن يقال إن الملائكة اختصموا بسبب قولهم :
أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ والمخاصمة مع اللّه تعالى لا تليق ولا تمكن، قلت : لا شك أنه جرى هناك سؤال وجواب، وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة، وهو علة لجواز المجاز، فلهذا السبب حسن إطلاق لفظ المخاصمة،
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلم) أتاني ربي في أحسن صورة، قال :
أحسبه قال في المنام، فقال : يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت : لا، قال : فوضع يده بين كتفيّ، حتى وجدت بردها بين ثدييّ، أو قال : في نحري، فعلمت ما في السموات وما في الأرض، قال : يا محمّد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : نعم في الكفارات (أي الأعمال الحسنة التي تكفر الذنوب) والكفارات : المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء على المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وخرج من خطيئته كيوم ولدته أمه، وقال : يا محمد، إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبّ المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. قال : والدرجات، إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام. وفي رواية : فقلت : لبيك وسعديك في المرتين، وفيها فعلمت ما بين المشرق والمغرب. أخرجه الترمذي
وقال : حديث حسن غريب. وللعلماء في هذا الحديث وفي أمثاله من أحاديث الصفات مذهبان :