فصل فى حجة القراءات فى السورة الكريمة
قال ابن خالويه :
ومن سورة الزمر قوله تعالى ﴿ يرضه لكم ﴾ يقرأ بضم الهاء وإثبات واو بعدها وباختلاس الضمة من غير واو والهاء بالإسكان فالحجة لمن أشبع الهاء ولفظ الواو أنه لما ذهبت الألف من يرضى علامة للجزم أتت الهاء وقبلها فتحة فرد حركتها إلى ما كان لها في الأصل وأتبعها الواو تبيينا للحركة وشاهد ذلك قول ذي الرمة % كأنه كوكب في إثر عفرية % مسوم في سواد الليل منقضب %
والحجة لمن اختلس أن الأصل عنده يرضاه لكم فلما حذفت الألف للجزم بقيت الهاء على الحركة التي كانت عليها قبل حذف الألف وأنشد % له زجل كأنه صوت حاد % إذا طلب الوسيقة أو زمير %
والحجة لمن أسكن أنه لما اتصلت الهاء بالفعل اتصالا لا يمكن انفصالها منه توهم أنها آخر الفعل فأسكنها تخفيفا ليدل بذلك على الجزم فأما الهاء في قوله ﴿ يرضه لكم ﴾ فكناية عن الشكر لقوله أولا ﴿ وإن تشكروا ﴾ فالشكر من العبد رضاه بما قسم الله له والثناء عليه بما أولاه والشكر من الله تعالى الزيادة في النعم وجزيل الثواب
قوله تعالى ﴿ أم من هو قانت ﴾ يقرأبتشديد الميم وتخفيفها فالحجة لمن شدد أنه رده على قوله ﴿ تمتع بكفرك قليلا ﴾ فكأنه قال أهذا خير أمن هو قانت أي
مصل والقانت في اللغة الداعي والساكت والمصلي وهو ها هنا المصلي لقوله ساجدا وقائما والحجة لمن خفف أنه أقام الالف مقام حرف النداء فكأنه قال يا من هو قانت وهو مشهور في كلام العرب لأنها تنبه المنادى بخمس أدوات وهن يا زيد وأيا زيد وهيا زيد وأي زيد وأزيد
قوله تعالى ﴿ فبشر عباد الذين ﴾ يقرأ بحذف الياء وإثباتها وفتحها فالحجة لمن حذف أنها لما سقطت لالتقاء الساكنين خطأ سقطت لفظا والحجة لمن أثبتها أنه إنما تسقط ياء الإضافة في النداء لكثرة الحذف فيه والاستعمال فأما في غيره فلا وفتحها لالتقاء الساكنين