فصل فى التعريف بالسورة الكريمة


قال ابن عاشور :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سورة الزمر
سميت " سورة الزمر " من عهد النبي ﷺ، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت :" كان النبي ﷺ :" لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل ".
وإنما سميت سورة الزمر لوقوع هذا اللفظ فيها دون غيرها من سورة القرآن.
وفي " تفسير القرطبي " عن وهب بن منبه أنه سماها " سورة الغرف " " وتناقله المفسرون ".
ووجه أنها ذكر فيها لفظ الغرف، أي بهذه الصيغة دون الغرفات، في قوله تعالى :﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ﴾ [الزمر : ٢٠]الآية.
وهي مكية كلها عند الجمهور وعن ابن عباس أن قوله تعالى :﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر : ٥٣]الآيات الثلاث.
وقيل : إلى سبع آيات نزلت بالمدينة في قصة، وحشي قاتل حمزة، وسنده ضعيف، وقصته عليها مخائل القصص.
وعن عمر بن الخطاب أن تلك الآيات نزلت بالمدينة في هشام بن العاصي بن وائل إذ تأخر عن الهجرة إلى المدينة بعد أن استعد لها.
وفي رواية : أن معه عياش ابن أبي ربيعة وكانا تواعدا على الهجرة إلى المدينة ففُتنا فافتتنا.
والأصح أنها نزلت في المشركين كما سيأتي عند تفسيرها، وما نشأ القول بأنها مدنية إلا لما روي فيها من القصص الضعيفة.
وقيل : نزل أيضا في قوله تعالى :﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ [الزمر : ١٠]الآية بالمدينة.
وعن ابن عباس :" أن قوله تعالى :﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً﴾ [الزمر : ٢٣]الآية نزل بالمدينة.
فبلغت الآيات المختلف فيها تسع آيات.
والمتجه : أنها كلها مكية وأن ما يخيل أنه نزل في قصص معينة إن صحت أسانيده أن يكون وقع التمثل به في تلك القصص فأشتبه على بعض الرواة بأنه سبب نزول.


الصفحة التالية
Icon