وسيأتي عند قوله تعالى :﴿وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾ [الزمر : ١٠]أنها نزلت قبيل هجرة المؤمنين إلى الحبشة، أي في سنة خمس قبل الهجرة.
وهي السورة التاسعة والخمسون في ترتيب النزول على المختار، نزلت بعد سورة سبا وقبل سورة غافر.
وعدت آيتها عند المدنيين والمكيين والبصريين اثنتين وسبعين، وعند أهل الشام ثلاثا وسبعين، وعند أهل الكوفة خمسا وسبعين.
أغراضها
ابتدئت هذه السورة بما هو كالمقدمة للمقصود، وذلك بالتنويه بشأن القرآن تنويها تكرر في ستة١ مواضع من هذه السورة لأن القرآن جامع لأغراضها.
وأغراضها كثيرة تحوم حول إثبات تفرد الله بالإلهية وإبطال الشرك فيها.
وإبطال تعللات المشركين لإشراكهم وأكاذيبهم.
ونفي ضرب من ضروب الإشراك إلى زعمهم أن لله ولدا.
والاستدلال على وحدانية الله في الإلهية بدلائل تفرده بإيجاد العوالم العلوية والسفلية، وبتدبير نظامها وما تحتوي عليه مما لا ينكر المشركون انفراده به.
والخلق العجيب في أطوار تكوين الإنسان والحيوان.
والاستدلال عليهم بدليل من فعلهم وهو التجاؤهم إلى الله عندما يصيبهم الضر.
والدعوة إلى التدبر فيما يلقى إليهم من القرآن الذي هو أحسن القول.
وتنبيههم على كفرانهم شكر النعمة.
والمقابلة بين حالهم وبين حال المؤمنين المخلصين لله.
وأن دين التوحيد هو الذي جاءت به الرسل من قبل.
والتحذير من أن يحل بالمشركين ما حل بأهل الشرك من الأمم الماضية.
وإعلام المشركين بأنهم وشركاءهم لا يعبأ بهم عند الله وعند رسوله ﷺ فالله غني عن عبادتهم، ورسوله لا يخشاهم ولا يخاف أصنامهم لأن الله كفاه إياهم جميعا.
وإثبات البعث والجزاء لتجزى كل نفس بما كسبت.
وتمثيل البعث بإحياء الأرض بعد موتها.
وضرب لهم مثله والإفاقة بعده وأنه يوم الفصل بين المؤمنين والمشركين.
وتمثيل حال المؤمنين وحال المشركين في الحياتين الحياة الدنيا والحياة الآخرة.
ودعاء المشركين للإقلاع عن الإسراف على أنفسهم، ودعاء
ـــــــ
١ هي قوله تنزيل ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ الآيتين وقوله :﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ الآية، وقوله :﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ الآيتين، وقوله :﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ الآية، وقوله :﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ﴾ الآية، وقوله :﴿بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي﴾ الآية.