والقول الآخر: أنهم يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن قال أبو جعفر القول الأول حسن والمعنى أنهم إذا سمعوا بالعقوبة والعفو عفوا ورأوا أن العفو افضل وغن كانت العقوبة لهم ٢٣ - وقوله جل وعز (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) (آية ١٩) يقال كيف جئ باستفهامين وقد أجمع أهل العربية انه لا يجوز استفهامان في اسم وخبره ؟ ففي هذا جوابان: أحدهما ان العرب إذا طال الكلام كررت توكيدا وكذلك قال سيبويه في قول الله جل وعز (أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) ؟ المعنى على هذا افمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت
تنقذه ؟ والكلام شرط وجوابه وجئ بالاستفهام ليدل على التوقيف والتقرير
قال الفراء المعنى أفأنت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب ؟ قال أبو جعفر وهذا والأول واحد والجواب الآخر أن في الكلام حذفا والمعنى افمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص أو ينجو ؟ ثم حذف الجواب وكان ما بعده مستأنفا والمعنى افمن سبق في علم الله جل وعز انه يدخل النار ينجو أو يتخلص ؟ ٢٤ - وقوله جل وعز (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض) (آية ٢١) يروى ان كل ماء في الأرض فاصله من السماء
وقد يجوز ان يكون إنزاله إياه خلقه له وتكوينه بأمره وقوله تعالى (فسلكه) أي فادخله فجعله ينابيع جمع ينبوع يفعول من نبع ينبع (ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه) أي أخضر وأسود وأصفر وأبيض
(ثم يهيج فتراه مصفرا) أي يجف قال الأصمعي يقال للنبت إذا تم جفافه قد هاج يهيج هيجا (ثم يجعله حطاما) أي رفاتا ٢٥ - ثم قال تعالى (إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب) (آية ٢١)