أنّ معناه: لو أتانا رسولُ غيرِك لدفعْنَاهُ، فعلم المعنى ولم يُظهر. وجرى قوله: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ للإِسْلاَمِ﴾ عَلَى مثل هذا.
وقوله ﴿آنَآءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَآئِماً﴾ نُصِب على قوله: يقنت سَاجداً مرّةً وقائماً مَرّةً، أى مطيع فى الحالين. ولو رُفع كما رُفعَ القانت كان صَواباً. والقنوت: الطاعة.
﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ﴾
وقوله: ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ...﴾.
يقال: كيفَ اجتمع اسْتفهامان فى مَعْنىً واحدٍ؟ يقال: هذا ممّا يراد به استفهامٌ واحدٌ ؛ فيسبِق الاستفهام إلى غير موضعه يُردّ الاستفهام إلى موضعه الذى هو له. وإِنّما المعنى - والله أعْلم -: أفأنت تُنقذ من حَقّت عَليه كلمة العذاب. ومثله من غير الاستفهام قوله: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُون﴾ فردّ ﴿أنكم﴾ مَرّتين، والمعْنى - والله أعْلم -: أيعِدكُم أنّكم مخرَجون إذا متّم وكنتم تراباً. ومثله قوله: ﴿لاَ تَحْسَبَنّ الذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنّهُمْ﴾ فرَدّ (تحسبَنّ) مرّتين ؛ ومعناهما - والله أعْلم - لا تَحسَبنّ الذينَ يفرحُون بمَا أَتَوْا بمفازة من العَذاب. ومثله كثير فى التنزيل وغَيره من كلام العرب.
﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾
وقوله: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ اللَّهِ...﴾