قرأها يحيى بن وثّاب وأبو جعفر المدنى (أليس الله بكافٍ عباده) على الجمع. وقرأها لناس ﴿عَبْدَهُ﴾ وذلك أن قريشاً قالت للنبىّ صلى الله عليْه وسلم: أما تخاف أن تَخْبِلَكَ آلهتُنا لعيبكَ إيّاها! فأنزل الله ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ محمّدا صَلى الله عليه وسلم، فكيفَ يخوِّفونكَ بمن دونه. والذين قالوا ﴿عِبَادَهُ﴾ قالوا: قد هَمَّت أممم الأنبياء بهم، ووعَدُوهم مِثلَ هذا، فقالوا لشعيب ﴿إنْ نقُولُ إلاّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بسُوءٍ﴾ فقال الله ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عبادَهُ﴾ أى محمداً عَلَيْه السلام والأنبيَاء قبله. وكلّ صواب.
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾
وقوله: ﴿هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ...﴾
﴿مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ...﴾ نوَّن فيهمَا عَاصم والحسن وشَيْبَة المدنىّ. وَأضَاف يحيى بن وثّاب. وكلّ صَوَاب. ومثله ﴿إنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ و ﴿بالِغٌ أمْرَهُ﴾ و ﴿مُوهِنُ كَيْدِ الكافِرِينَ﴾ و ﴿مُوهِنٌ كَيْدَ الكافِرِين﴾ وللإِضافة مَعْنى مضّى مِنَ الفعل. فإذا رأيتَ الفعْل قد مَضَى فى المعْنى فآثر الإضافة فيه، تقول أخوك أَخَذ حقه، فتقول هَا هُنَا: أخوكَ آخذُ حَقِّه. ويقبح أن تقول: آخذٌ حقَّه. فإِذا كان مستقبلاً لم يقع بعدُ قلت: أخوك آخِذٌ حقَّه عن قليل، وآخذُ حقِّه عن قليل: ألا ترى أنك لا تقول: هذا قاتلٌ حمزة مُبغَّضاً، لأن معنَاه مَاضٍ فقبح التنوين ؛ لأنه اسم.