النصب فى قوله ﴿فَأَكُونَ﴾ جَواب لِلو. وإن شئت جَعلته مردوداً عَلَى تأويل أنْ، تُضمرهَا فى الكرَّة، كما تقول: لو أَنَّ لى أن أكُرَّ فأكونَ. ومثله مَّما نُصب عَلى ضمير أنْ قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكَلِّمهُ اللهُ إلاّ وَحيْاً أوْ مِنْ وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ﴾ المعْنَى - والله أعلم - مَا كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلاّ أن يوحى إليه أو يرسل. ولو رفع ﴿فيُوحى﴾ إذا لم يظهر أنْ قبله ولا معه كان صوابا. وقد قرأ به بعض القراء. قال: وأنشدنى بعض بنى أسَدٍ:
يَحُلّ أُحَيْدَه ويقال بَعْلٌ * ومثلُ تموُّلٍ منه افتقارُ
فما يُخطئكِ لا يخطئكِ منه * طَبَانِيَةٌ فيَحْظُلُ أو يَغارُ
فرفع. وأنشدنى آخر:
فمالك منها غير ذِكرى وحِسْبة * وتسأل عن ركبانها أينَ يمَّموا
وقال الكسَائى: سمعت من العرب: ماهى إلا ضَرْبة من الأَسَد فيحطِمُ ظهره، (و) يحطِمَ ظهرَه. قال: وأنشدنى الأسَدِىّ:
عَلى أحْوذِيَّيْن استقلت عَشِيَّة * فما هى إلاَّ لمحة فتغيب
﴿ بَلَى قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾
وقوله: ﴿بَلَى قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا...﴾
القراء مجتمعون عَلى نصب الكاف وأن المخاطب ذَكَر. قال الفراء وحدثنى شيخ عن وِقَاء بن إياسٍ بسنده أنه قرأ (بَلَى قد جَاءَتْكِ آياتى فكذَّبتِ بهَا واستكبرتِ) فخفض الكاف والتاء كأنه يخاطب النفس. وهو وجه حسَن ؛ لأنه ذكر النفس فخاطبها أوّلاً، فأجْرى الكَلام الثانى عَلى النفْس فى خطابهَا.
﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾
وقوله: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ...﴾


الصفحة التالية
Icon