ولهذا البحث صلة في الآية ١٢ من سورة المؤمنين الآتية والآية ٤ من سورة الحج في ج ٣، واعلموا أيها الناس أنكم "إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ" وأنتم محتاجون إليه "وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ" لأنه يؤدي بهم إلى النار، ولذلك ينهاهم عنه ويرضى لهم الإيمان المؤدي إلى الجنان ولذلك يأمرهم به، والرضى بالشيء مدحه والثناء عليه واللّه تعالى قد ذم الكفر وقبحه وحبذ الإيمان ومدحه، والفرق بين الإرادة والرضى ظاهر وإن إرادته منهم لا يعني أنه أمرهم به أو رضيه عنهم، راجع الآية ١٤٩ من سورة الأنعام المارّة وما ترشدك إليه تقنع "وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ" (يقرأ باختلاس ضم الهاء حتى يرضه لا بالإشباع) لأن في الرضا نجاتكم من العذاب وفوزكم بالجنة، ويفهم من هذه الآية أن اللّه تبارك وتعالى أراد بالشكر هنا الإيمان لمجيئه بمقابلة الكفر، غير أنه إذا فسر الكفر فيها بكفران النعمة والشكر بشكرها أولى لأن الآية عامة وابقاء اللفظ على عمومه أولى من تخصيصه بدون صارف يصرفه عن عمومه ولكن لم أر من قال به ولذلك قدمنا ما عليه الجمهور والاتباع خير من الابتداع "وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى " تقدم تفسيرها في الآية ١٨ من سورة فاطر والآية ٣٨ من سورة والنجم في ج ١ والآية ١٦٤ من سورة الأنعام المارة "ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ" في الآخرة "فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" في الدنيا ويجازيكم عليه دون حاجة إلى سؤال أو اعتراف أو شهود "إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ٧" ومن كان عالما بخفيّات الأمور


الصفحة التالية
Icon