و سرائرها فهو بعلانيتها وظواهرها أعلم "وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ" من كل ما يتضرر به الإنسان أو يتألم منه مادة ومعنى "دَعا رَبَّهُ مُنِيباً" راجعا خاضعا خاشعا مستغيثا "إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ" أعطاه وأعاره وراعاه ومعنى خوّله جعله ذا خول أي عبيد وإماء وخدم وأصله تعهد الشيء والرجوع إليه مرة بعد أخرى والمحافظة عليه وأطلق على العطاء "نِعْمَةً مِنْهُ" تفضلا منه لا لغرض ولا لعوض "نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ" وهو الضر وترك الدعاء أيضا بكشفه، ولم يكتف بهذا الصدود عن ذلك المنعم بل مال إلى الافتراء عليه "وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً" أمثالا صيرها آلهة معه ولم يقتصر على ضلاله بل عمد "لِيُضِلَّ" غيره "عَنْ سَبِيلِهِ" الحق القويم، فيا أكرم الرسل "قُلْ" لهذا الكافر وهو على ما قيل عتبة
بن ربيعة أو حذيفة المخزومي "تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا" في هذه الدنيا الفانية لأنها بالنسبة للآخرة قليل ومهما عاش بها ابن آدم أو ملك منها فهو قليل وقد تهون بعين المؤمن إذ يرجو عند ربه خيرا منها وتعظم بعين الكافر لكونه صفر اليدين في الآخرة إذ يقال له فيها "إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ ٨" أجارنا اللّه منها، وهذه الآية عامة في كل من هذا شأنه ومن قال بأنها نزلت في أحد المذكورين فقوله لا يخصصها لأن خصوص السبب لا يمنع عموم اللفظ كما أن قوله تعالى "أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ" عامة أيضا في كل من كان ديدنه ذلك.