عند موتهم فتقرّ أعينهم وفي قبورهم أيضا تبشرهم بالأمن من عذابها وفي الموقف عند بعثهم تتلقاهم بالبشارة بالخلاص من هوله وفزعه وبعد الحساب تبشرهم بالفوز والنجاة وعند الصراط تبشرهم بالسلامة وعند دخول الجنة تبشرهم بالدرجات العالية، اللهم اجعلنا منهم.
ثم خاطب حبيبه بقوله يا سيد
الرسل "فَبَشِّرْ عِبادِ ١٧" ثم خصّهم بقوله "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ" مطلق عام في كل قول ولا وجه لتخصيصه بالقرآن العظيم كما ذكره بعض المفسرين بلا دليل يستند إليه "فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" مدحهم اللّه جلّ مدحه لتمييزهم بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل فإذا اعترضهم ما هو واجب فعله وما هو مندوب اختاروا الواجب، وإذا اعترضهم مكروه ومباح اختاروا المباح، وكذلك يختارون ما هو أكثر ثوابا، فيتركون الانتقام لأنفسهم ممن ظلمهم مع القدرة عليه ويركنون للعفو عمن تعدى عليهم مطلقا، ويختارون العفو على القصاص، ويميلون إلى التصدق بالفضل عن الصدقة المفروضة، وهكذا يميلون إلى الأحسن عند اللّه ولو فيه هضم حقهم.
وليعلم أن ما أمر اللّه به ورسله كله حسن وقد يكون فيه أحسن بحسب التفاضل بالعمل به من حيث كثرة الثواب وإذلال النفس كما في العفو عن القصاص والتصدق بالفضل وتكرار الحج والإكثار من صلاة النّفل وذكر اللّه والأخذ بالعزيمة وترك الرخص وما أشبه ذلك راجع الآية ١٤٥ من سورة الأعراف في ج ١ تجد ما يتعلق في هذا، وما هو موافق لشرعنا من الشرائع القديمة، وما هو مخالف له، وله صلة في الآية ٤٢ من سورة الشورى الآتية وفي الآية ٥٥ من هذه السورة أيضا.