إِيماناً...
وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) الآية ١١٤ فما بعدها من سورة التوبة في ج ٣ فراجعها "أُولئِكَ" قساة القلوب "فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ٢٢" لا خفاء عليه، إذ حقت عليهم كلمة العذاب، وهذه الآية عامة في كل من هذا شأنه من الفريقين فيها، وما جاء أنها نزلت في أبي بكر الصديق وأبيّ بن خلف الزنديق أوفي حضرة الرسول الكامل وأبي جهل العاطل
أو في علي وحمزة وأبي لهب وولده لا يقيدها عن إطلاقها ولا يخصصها عن عمومها، لأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، فيدخل فيها من شرح اللّه قلبه للإسلام من المشار إليهم وغيرهم وقساة القلوب المذكورون وأضرابهم دخولا أوليا وتشمل كل من على شاكلة الفريقين المرضي عنهم وعليهم والمغضوب عليهم من ساعة نزولها إلى قيام الساعة، وقد ألمعنا لهذا البحث في الآية ١٢٥ من سورة الأنعام المارة ففيها ما يشفي الغليل ويكفي النبيل، قال تعالى "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ" هو القرآن لأنه فاق ما تقدمه من الكتب والصحف كلها فضلا عن الأحاديث النبوية من جهة اللفظ، لأنه أفصح وأجزل وأبلغ في كل كلام، ومن جهة المعنى لأنه منزه عن التناقض والاختلاف، ومن جهة المضمون لاشتماله على كل ما أنزل اللّه عن الأنبياء السالفين، ومن جهة الإعجاز لأن اللّه تعالى تحدى بسورة منه الإنس والجن ومن جهة الأخبار بالغيب لأنه أخبر عما وقع قبل نزوله وأشار لما يقع بعد، ولفظ الحديث في الآية كناية عن أنه كلام محدّث به لا بمعنى أنه مقابل للقديم، ومن قال بالتلازم من الأشاعرة القائلين بحدوث الكلام اللفظي جعل الأوصاف الدالة على الحدوث لذلك الكلام اللفظي لا لكلام اللّه الأزلي الخالي عن الصوت والحرف، لأن كلام اللّه قديم كذاقه
والكلام في هذا يجر إلى الكلام بخلق القرآن وعدمه وقد عقدت له مطلبا خاصا في المقدمة فراجعه.


الصفحة التالية
Icon