فصل
قال الفخر :
﴿ خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾
ثم إنه تعالى أتبع ذكر الدلائل الفلكية بذكر الدلائل المأخوذة من هذا العالم الأسفل، فبدأ بذكر الإنسان فقال :﴿خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ ودلالة تكون الإنسان على الإله المختار قد سبق بيانها مراراً كثيرة، فإن قيل كيف جاز أن يقول :﴿خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ والزوج مخلوق قبل خلقهم ؟ أجابوا عنه من وجوه الأول : أن كلمة ثم كما تجيء لبيان كون إحدى الواقعتين متأخرة عن الثانية، فكذلك تجيء لبيان تأخر أحد الكلامين عن الآخر، كقول القائل بلغني ما صنعت اليوم، ثم ما صنعت أمس كان أعجب، ويقول أيضاً قد أعطيتك اليوم شيئاً، ثم الذي أعطيتك أمس أكثر الثاني : أن يكون التقدير خلقكم من نفس خلقت وحدها ثم جعل منها زوجها الثالث : أخرج الله تعالى ذرية آدم من ظهره كالذر ثم خلق بعد ذلك حواء.