وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ قُلْ إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى ﴾
أي : بترك إخلاص العبادة له، وتوحيده، والدعاء إلى ترك الشرك، وتضليل أهله ﴿ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾، وهو : يوم القيامة.
قال أكثر المفسرين : المعنى : إني أخاف إن عصيت ربي بإجابة المشركين إلى ما دعوني إليه من عبادة غير الله.
قال أبو حمزة اليماني، وابن المسيب : هذه الآية منسوخة بقوله :﴿ لّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [ الفتح : ٢ ] وفي هذه الآية دليل على أن الأمر للوجوب، لأن قبله :﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله ﴾ [ الزمر : ١١ ]، فالمراد : عصيان هذا الأمر ﴿ قُلِ الله أَعْبُدُ ﴾ التقديم مشعر بالاختصاص، أي : لا أعبد غيره لا استقلالاً، ولا على جهة الشركة، ومعنى ﴿ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى ﴾ : أنه خالص لله غير مشوب بشرك، ولا رياء، ولا غيرهما، وقد تقدّم تحقيقه في أول السورة.
قال الرازي : فإن قيل : ما معنى التكرير في قوله :﴿ قُلْ إِنّى أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين ﴾ [ الزمر : ١١ ]، وقوله :﴿ قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى ﴾ قلنا : ليس هذا بتكرير، لأن الأوّل : إخبار بأنه مأمور من جهة الله بالإيمان، والعبادة، والثاني إخبار بأنه أمر أن لا يعبد أحداً غير الله ﴿ فاعبدوا مَا شِئْتُمْ ﴾ أن تعبدوه ﴿ مِن دُونِهِ ﴾ هذا الأمر للتهديد، والتقريع، والتوبيخ كقوله :﴿ اعملوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [ فصلت : ٤٠ ]، وقيل : إن الأمر على حقيقته، وهو منسوخ بآية السيف، والأوّل أولى ﴿ قُلْ إِنَّ الخاسرين الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة ﴾ أي : إن الكاملين في الخسران هم هؤلاء، لأن من دخل النار، فقد خسر نفسه، وأهله.


الصفحة التالية
Icon