ثم ذكر سبحانه من سبقت له الشقاوة، وحرم السعادة فقال :﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العذاب ﴾ من هذه يحتمل أن تكون موصولة في محل رفع بالابتداء، وخبرها محذوف، أي : كمن يخاف، أو فأنت تخلصه، أو تتأسف عليه، ويحتمل أن تكون شرطية، وجوابه ﴿ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى النار ﴾ فالفاء فاء الجواب دخلت على جملة الجزاء، وأعيدت الهمزة الإنكارية لتأكيد معنى الإنكار.
وقال سيبويه : إنه كرّر الاستفهام لطول الكلام.
وقال الفراء : المعنى : أفأنت تنقذ من حقّت عليه كلمة العذاب، والمراد بكلمة العذاب هنا هي : قوله تعالى لإبليس :
﴿ لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ ص : ٨٥ ]، وقوله :﴿ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ الأعراف : ١٨ ] ومعنى الآية : التسلية لرسول الله ﷺ، لأنه كان حريصاً على إيمان قومه، فأعلمه الله أن من سبق عليه القضاء، حقت عليه كلمة الله لا يقدر رسول الله ﷺ أن ينقذه من النار بأن يجعله مؤمناً.
قال عطاء : يريد أبا لهب، وولده، ومن تخلف من عشيرة النبي ﷺ عن الإيمان، وفي الآية تنزيل لمن يستحقّ العذاب بمن قد صار فيه، وتنزيل دعائه إلى الإيمان منزلة الإخراج له من عذاب النار.


الصفحة التالية
Icon