وقال الشيخ الشنقيطى فى الآيات السابقة :
﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) ﴾
قد دل استقراء القرآن العظيم، على أن الله جل وعلا، إذا ذكر تنزيله لكتابه، أتبع ذلك ببعض أسمائه الحسنى، المتضمنة صفاته العليا.
ففي أول هذه السورة الكريمة، لما ذكر تنزيله كتابه، بين أنَّ مبدأ تنزيله كائن منه جل وعلا، وذكر اسمه الله، واسمه العزيز، والحكيم، وذكر مثل ذلك في أول سورة الجاثية، في قوله تعالى :﴿ حمتَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم إِنَّ فِي السماوات والأرض لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ الجاثية : ١٣ ] وفي اول سورة الأحقاف في قوله تعالى :﴿ حمتَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم مَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق ﴾ [ الأحقاف : ١٣ ] الآية.
وقد تكرر كثيراً في القرآن، ذكره بعض أسمائه وصفاته، بعد ذكر تنزيل القرآن العظيم، كقوله في أول سورة ﴿ حمتَنزِيلٌ مِّنَ الرحمن الرحيم ﴾ [ فصلت : ١٢ ]. وقوله تعالى في أول هود ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [ هود : ١ ] وقوله في فصلت ﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [ ٤١٤٢ ] وقوله تعالى في صدر يس ﴿ تَنزِيلَ العزيز الرحيم لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ ﴾ [ يس : ٥٦ ] وقوله تعالى :﴿ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل ﴾ [ الحاقة : ٤٣٤٤ ] الآية.
ولا يخفى أن ذكره جل وعلا هذه المسألة الحسنى العظيمة، بعد ذكره تنزيل هذا القرآن العظيم، يدل بإيضاح، على عظمة القرآن العظيم، وجلالة شأنه وأهمية نزوله، والعلم عند الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon