وأما جمعه على طواغيت فذلك على تغليب الاسمية علماً بالغلبة إذ جعل الطاغوت لواحد الأصنام وهو قليل، وهو هنا مراد به جماعة الأصنام وقد أجرى عليه ضمير المؤنث في قوله :﴿ أن يعْبُدُوهَا ﴾ باعتبار أنه جمع لغير العاقل، وأجري عليه ضمير جماعة الذكور في قوله تعالى :﴿ والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ﴾ في سورة [ البقرة : ٢٥٧ ] باعتبار أنه وقع خبراً عن الأولياء وهو جمع مذكر، وباعتبار تنزيلها منزلة العقلاء في زعم عبادها.
و﴿ أن يعبُدُوها ﴾ بدل من ﴿ الطَّاغُوتَ ﴾ بدل اشتمال.
والإِنابة : التوبة وتقدمت في قوله :﴿ إن إبراهيم لحليم أواه منيب ﴾ في سورة [ هود : ٧٥ ].
والمراد بها هنا التوبة من كل ذنب ومعصية وأعلاها التوبة من الشرك الذي كانوا عليه في الجاهلية.
والبشرى : البشارة، وهي الإِخبار بحصول نفع، وتقدمت في قوله تعالى :﴿ لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ في سورة [ يونس : ٦٤ ].
والمراد بها هنا : البشرى بالجنة.
وفي تقديم المسند من قوله :﴿ لهُمُ البشرى ﴾ إفادة القصر وهو مثل القصر في ﴿ أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ﴾.
وفرع على قوله :﴿ لهُمُ البُشْرى ﴾ قوله :﴿ فبشر عبادِ الذين يستمعون القول فيتَّبِعون أحسنه ﴾ وهم الذين اجتنبوا الطاغوت، فعدل عن الإِتيان بضميرهم بأن يقال : فبشرهم، إلى الإِظهار باسم العِباد مضاف إلى ضمير الله تعالى، وبالصلة لزيادة مدحهم بصفتين أخريين وهما : صفة العبودية لله، أي عبودية التقرب، وصفة استماع القول واتباع أحسنه.
وقرأ العشرة ما عدا السوسي رَاويَ أبي عمرو كلمة { عبادِ بكسر الدال دون ياء وهو تخفيف واجْتزاء بوجود الكسرة على الدال.


الصفحة التالية
Icon