وقرأها السوسي بياء بعد الدال مفتوحة في الوصل وساكنة في الوقف، ونقل عنه حذف الياء في حالة الوقف وهما وجهان صحيحان في العربية كما في التسهيل }، لكن اتفقت المصاحف على كتابة ﴿ عبادِ هنا بدون ياء بعد الدال وذلك يوهن قراءة السوسي إلاّ أن يتأول لها بأنها من قبيل الأداء.
والتعريف في القَوْلَ ﴾
تعريف الجنس، أي يستمعون الأقوال مما يدعو إلى الهدى مثلَ القرآن وإرشادَ الرسول ﷺ ويستمعون الأقوال التي يريد أهلها صرفهم عن الإِيمان من ترهات أئمة الكفر فإذا استمعوا ذلك اتبعوا أحسنه وهو ما يدعو إلى الحق.
والمراد : يتبعون القول الحسن من تلك الأقوال، فاسم التفضيل هنا ليس مستعملاً في تفاوت الموصوف به في الفضل على غيره فهو للدلالة على قوة الوصف، مثل قوله تعالى :﴿ قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ﴾ [ يوسف : ٣٣ ].
أثنى الله عليهم بأنهم أهل نقد يميزون بين الهدى والضلال والحكمة والأوهام نُظّار في الأدلة الحقيقية نُقّاد للأدلة السفسطائية.
وفي الموصول إيماء إلى أن اتباع أحسن القول سبب في حصول هداية الله إياهم.
وجملة ﴿ أُولئِكَ الذينَ هداهُم الله ﴾ مستأنفة لاسترعاء الذهن لتلقي هذا الخبر.
وأكد هذا الاسترعاء بجعل المسند إليه اسم إشارة ليتميز المشار إليهم.
أكمل تميزه مع التنبيه على أنهم كانوا أحرياء بهذه العناية الربانية لأجل ما اتصفوا به من الصفات المذكورة قبل اسم الإِشارة وهي صفات اجتنابهم عبادة الأصنام مع الإِنابة إلى الله واستماعهم كلام الله واتباعهم إياه نابذين ما يلقي به المشركون من أقوال التضليل.
والإِتيان باسم الإشارة عقب ذكر أوصاف أو أخبارٍ طريقة عربية في الاهتمام بالحكم والمحكوم عليه فتارة يشار إلى المحكوم عليه كما هنا وتارة يشار إلى الخبر كما في قوله :﴿ هذا وإن للطاغين لشر مئاب ﴾ في سورة [ ص : ٥٥ ].


الصفحة التالية
Icon