ثم قال تعالى :﴿ذلك يُخَوّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ﴾ أي ذلك الذي تقدم ذكره من وصف العذاب فقوله :﴿ذلك﴾ مبتدأ وقوله :﴿يُخَوّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ﴾ خبر، وفي قوله :﴿يُخَوّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ﴾ قولان الأول : التقدير ذلك العذاب المعد للكفار هو الذي يخوف الله به عباده أي المؤمنين، لأنا بينا أن لفظ العباد في القرآن مختص بأهل الإيمان وإنما كان تخويفاً للمؤمنين لأجل أنهم إذا سمعوا أن حال الكفار ما تقدم خافوا فأخلصوا في التوحيد والطاعة الوجه الثاني : أن هذا الكلام في تقدير جواب عن سؤال، لأنه يقال إنه تعالى غني عن العالمين منزه عن الشهوة والانتقام وداعية الإيذاء، فكيف يليق به أن يعذب هؤلاء المساكين إلى هذا الحد العظيم، وأجيب عنه بأن المقصود منه تخويف الكفار والضلال عن الكفر والضلال، فإذا كان التكليف لا يتم إلا بالتخويف والتخويف لا يكمل الانتفاع به إلا بإدخال ذلك الشيء في الوجود وجب إدخال ذلك النوع من العذاب في الوجود تحصيلاً لذلك المطلوب الذي هو التكليف، والوجه الأول عندي أقرب، والدليل عليه أنه قال بعده :﴿يا عِبَادِ فاتقون﴾ وقوله :﴿يا عبادِ﴾ الأظهر منه أن المراد منه المؤمنون فكأنه قيل المقصود من شرح عذاب الكفار للمؤمنين تخويف المؤمنين في أيها المؤمنون بالغوا في الخوف والحذر والتقوى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٦ صـ ٢٢١ ـ ٢٢٤﴾


الصفحة التالية
Icon