وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين ﴾
تقدّم أول السورة ﴿ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين ﴾ من هذه الأمة، وكذلك كان ؛ فإنه كان أول من خالف دين آبائه، وخلع الأصنام وحطمها، وأسلم لله وآمن به، ودعا إليه صلى الله عليه وسلم.
واللام في قوله :﴿ لأَنْ أَكُونَ ﴾ صلة زائدة ؛ قاله الجرجاني وغيره.
وقيل : لام أجل.
وفي الكلام حذف أي أمرت بالعبادة ﴿ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين ﴾.
قوله تعالى :﴿ قُلْ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ يريد عذاب يوم القيامة.
وقاله حين دعاه قومه إلى دين آبائه ؛ قاله أكثر أهل التفسير.
وقال أبو حمزة الثمالي وابن المسيّب : هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿ لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [ الفتح : ٢ ] فكانت هذه الآية من قبل أن يغفر ذنب النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى :﴿ قُلِ الله أَعْبُدُ ﴾ "اللَّهَ" نصب ب"أَعْبُدُ" ﴿ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي ﴾ طاعتي وعبادتي.
﴿ فاعبدوا مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ ﴾ أمر تهديد ووعيد وتوبيخ ؛ كقوله تعالى :﴿ اعملوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [ فصلت : ٤٠ ].
وقيل : منسوخة بآية السيف.
قوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ الخاسرين الذين خسروا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة ﴾ قال ميمون بن مهران عن ابن عباس : ليس من أحد إلا و ( قد ) خلق الله له زوجة في الجنة، فإذا دخل النار خسر نفسه وأهله.
في رواية عن ابن عباس : فمن عمل بطاعة الله كان له ذلك المنزل والأهل إلا ما كان له قبل ذلك، وهو قوله تعالى :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ [ المؤمنون : ١٠ ].


الصفحة التالية
Icon