﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [ المؤمنون : ١٢ ١٤ ] فقال رسول الله ﷺ " اكتب فهكذا أنزلت " فازداد عمر إيماناً على إيمان وازداد ذلك الإنسان كفراً على كفر، إذا عرفت هذا لم يبعد أيضاً أن يكون ذكر الله يوجب النور والهداية والاطمئنان في النفوس الطاهرة الروحانية، ويوجب القسوة والبعد عن الحق في النفوس الخبيثة الشيطانية، إذا عرفت هذا فنقول إن رأس الأدوية التي تفيد الصحة الروحانية ورئيسها هو ذكر الله تعالى، فإذا اتفق لبعض النفوس أن صار ذكر الله تعالى سبباً لازدياد مرضها كان مرض تلك النفس مرضاً لا يرجى زواله ولا يتوقع علاجه وكانت في نهاية الشر والرداءة، فلهذا المعنى قال تعالى :﴿فَوَيْلٌ للقاسية قُلُوبُهُمْ مّن ذِكْرِ الله أُوْلَئِكَ فِى ضلال مُّبِينٍ﴾ وهذا كلام كامل محقق، ولما بين تعالى ذلك أردفه بما يدل على أن القرآن سبب لحصول النور والشفاء والهداية وزيادة الاطمئنان، والمقصود منه بيان أن القرآن لما كان موصوفاً بهذه الصفات، ثم إنه في حق ذلك الإنسان صار سبباً لمزيد القسوة دل ذلك على أن جوهر تلك النفس قد بلغ في الرداءة والخساسة إلى أقصى الغايات، فنقول إنه تعالى وصف القرآن بأنواع من صفات الكمال.
الصفة الأولى : قوله تعالى :﴿الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :