ولما كان من رسم بهذا الخزي أخسر الناس صفقة أنتج وصفه قوله تعالى :﴿أولئك﴾ أي الأباعد الأباغض ﴿في ضلال مبين﴾ أي واضح في نفسه موضح أمره لكل أحد، فالآية من الاحتباك : ذكر أولاً الشرح والنور دليلاً على حذف ضده ثانياً، وثانياً الويل للقاسي والضلال دليلاً على حذف ضده أولاً - روى البيهقي في الشعب والبغوي من طريق الثعلبي والحكيم الترمذي من وجه آخر عن ابن مسعود ـ رضى الله عنه ـ " أن النبي ـ ﷺ ـ قرأ هذه الآية، قال : فقلنا : يا رسول الله! كيف انشراح صدورهم؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح قلنا : يا رسول الله؟ فما علاقة ذلك؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت " وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري : والنور الذي من قبله سبحانه نور اللوائح بنجوم العلم، ثم نور اللوامع ببيان الفهم، ثم نور المحاضرة بزوائد اليقين، ثم نور المكاشفة بتجلي الصفات، ثم نور المشاهدة بظهور الذات، ثم أنوار الصمدية بحقائق التوحيد، فعند ذلك لا وجد ولا قصد، ولا قرب ولا بعد، كلا بل هو الله الواحد القهار، وذلك كما قيل : المؤمن بقوة عقله يوجب استقلاله بعلمه إلى أن يبدو ومنه كمال تمكنه من وقادة بصيرته، ثم إذا بدا له لائحة من سلطان المعارف تصير تلك الأنوار مقمرة، فإذا بدت أنوار التوحيد استهلكت تلك الجملة، فلما استبان الصبح أدرج ضوءه بأنواره أنوار تلك الكواكب.