ولما علم بهذه البراهين أنه سبحانه المتصرف في المعاني بتصرفه في القلوب بالهداية والإضلال، وكان التقدير : فلئن قررتم بهذا الاستفهام الإنكاري ليقولن : بلى! عطف عليه بيان أن الخالق للذات كما أنه المالك للمعاني والصفات، فقال مفسداً لدينهم باعترافهم بأصلين : القدرة التامة له والعجز الكامل لمعبوداتهم :﴿ولئن سألتهم﴾ أي فقلت لمن شئت منهم فرادى أو مجتمعين :﴿من خلق السماوات﴾ أي على ما لها من الاتساع والعظمة والارتفاع ﴿والأرض﴾ على ما لها من العجائب وفيها من الانتفاع ﴿ليقولن﴾ بعد تخويفهم لك بشركائهم الذين هم من جملة خلق من أرسلك بما أنت فيه : الذي خلقها ﴿الله﴾ أي وحده الذي لا سمي له وإلباس بوجه في أمره، ولا يصدهم عن ذلك الحياء من التناقض ولا الخوف من التهافت بالتعارض.
ولما كان هذا مخيراً لأن بين ولا بد أنهم لا يقبلون ولا يعرضون كان كأنه قيل : فماذا أصنع؟ فقال :﴿قل﴾ مسبباً عن اعترافهم له سبحانه بجميع الأمر قوله مقرراً بالفرع بعد إقرارهم بالأصل ومقرعاً بتخويفهم ممن ليس له أمر بعقد ولا حل :﴿أفرءيتم ﴾.


الصفحة التالية
Icon