والأصل الثاني : أن هذه الأصنام لا قدرة لها على الخير والشر وهو المراد من قوله :﴿قُلْ أَفَرَايْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِىَ الله بِضُرّ هَلْ هُنَّ كاشفات ضُرّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ هَلْ هنَّ ممسكات رَحْمَتِه﴾ فثبت أنه لا بد من الإقرار بوجود الإله القادر الحكيم الرحيم، وثبت أن هذه الأصنام لا قدرة لها على الخير والشر، وإذا كان الأمر كذلك كانت عبادة الله كافية، وكان الاعتماد عليه كافياً وهو المراد من قوله :﴿قُلْ حَسْبِىَ الله عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون﴾ فإذا ثبت هذا الأصل لم يلتفت العاقل إلى تخويف المشركين فكان المقصود من هذه الآية هو التنبيه على الجواب عما ذكره الله تعالى قبل هذه الآية وهو قوله تعالى :﴿وَيُخَوّفُونَكَ بالذين مِن دُونِهِ﴾ وقرىء :﴿كاشفات ضُرّهِ﴾ و ﴿ممسكات رَحْمَتِهِ﴾ بالتنوين على الأصل وبالإضافة للتخفيف، فإن قيل كيف قوله :﴿كاشفات﴾ و ﴿ممسكات﴾ على التأنيث بعد قوله :﴿وَيُخَوّفُونَكَ بالذين مِن دُونِهِ﴾ ؟ قلنا المقصود التنبيه على كمال ضعفها فإن الأنوثة مظنة الضعف ولأنهم كانوا يصفونها بالتأنيث ويقولون اللات والعزى ومناة، ولما أورد الله عليهم هذه الحجة التي لا دفع لها قال بعده على وجه التهديد :﴿قُلْ يا قوم اعملوا على مَكَانَتِكُمْ﴾ أي أنتم تعتقدون في أنفسكم أنكم في نهاية القوة والشدة فاجتهدوا في أنواع مكركم وكيدكم، فإني عامل أيضاً في تقرير ديني ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ أن العذاب والخزي يصيبني أو يصيبكم والمقصود منه التخويف.
إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١)
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon