وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
ثو وقفهم توقيفاً معناه نفي الموقف عليه بقوله :﴿ فمن أظلم ممن ﴾ أي لا أحد أظلم ممن كذب على الله، والإشارة بهذا الكذب بقولهم : إن لله صاحبة وولداً وقولهم : إن كذا حرام، وإن كان حلال افتراء على الله، وكذبوا أيضاً بالصدق، وذلك تكذيبهم أقوال محمد عليه السلام عن الله تعالى ما كان من ذلك معجزاً أو غير معجز. ثم توعدهم تعالى تواعداً فيه احتقارهم بقوله على وجه التوقيف :﴿ أليس في جنهم مثوى للكفارين ﴾، والمثوى موضع الإقامة.
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)
قوله تعالى :﴿ والذي جاء بالصدق ﴾ معادل لقوله :﴿ فمن أظلم ممن كذب ﴾ [ الزمر : ٣٢ ] ﴿ فمن ﴾ [ الزمر : ٣٢ ] هنالك للجميع والعموم، فكذلك هاهنا هي للجنس أيضاً، كأنه قال : والفريق الذي جاء بعضه بالصدق وصدق بعضه، ويستقيم المعنى واللفظ على هذا الترتيب. وفي قراءة ابن مسعود : والذي جاؤوا بالصدق وصدقوا به. و" الصدق " هنا : القرآن وأنباؤه والشرع بجملته. وقالت فرقة :﴿ الذي ﴾ يراد به الذين، وحذفت النون لطول الكلام، وهذا غير جيد، وتركيب جاء عليه يرد ذلك، وليس هذا كقول الفرزدق :
إن عميَّ اللذا قتلا الملوك... ونظير الآية قول الشاعر [ أشهب بن رملية ] :[ الطويل ]
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم... هُم القوم كل القوم يا أم خالد