﴿ { والذين كَفَرُواْ بآيات الله أولئك هُمُ الخاسرون ﴾ معطوف على قوله تعالى :﴿ الله خالق كُلّ شَىْء ﴾ [ الزمر : ٦٢ ] الخ أي أنه عز شأنه متصف بهذه الصفات الجليلة الشأن والذين كفروا وجحدوا ذلك أولئك هم الكاملون في الخسران، وقيل : على قوله تعالى :﴿ لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض ﴾ ولا يظهر ذلك على بعض الأوجه السابقة فيه.
وقيل : على مقدر تقديره فالذين اتقوا أو فالذين آمنوا بآيات الله هم الفائزون والذين كفروا الخ، وفيه تكلف.
وجوز أن يكون معطوفاً على قوله تعالى :﴿ وَيُنَجّى الله ﴾ [ الزمر : ٦١ ] فيكون التقدير وينجي الله المتقين والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون وما بينهما اعتراض للدلالة على أنه تعالى مهيمن على العباد مطلع على أفعالهم مجاز عليها، وفيه تأكيد لثواب المؤمنين وفلاحهم وعقاب الكفرة وخسرانهم ولم يقل ويهلك الذين كفروا بخسرانهم ما قاله سبحانه :﴿ وَيُنَجّى ﴾ الخ للاشعار بأن العمدة في فوز المؤمنين فضله تعالى فلذا جعل نجاتهم مسندة له تعالى حادثة له يوم القيامة غير ثابتة قبل ذلك بالاستحقاق والأعمال بخلاف هلاك الفكرة فإنهم قدموه لأنفسهم بما اتصفوا به من الكفر والضلال ولم يسند له تعالى ولم يعبر عنه بالمضارع أيضاً، وفي ذلك تصريح بالوعد وتعريض بالوعيد حيث قيل :﴿ الخاسرون ﴾ ولم يقل الهالكون أو المعذبون أو نحوه وهو قضية الكرم.
وعطف الجملة الاسمية على الفعلية مما لا شبهة في جوازه عند النحويين، ومما ذكرنا يعلم رد قول الإمام الرازي : إن هذا الوجه ضعيف من وجهين : الأول : وقوع الفصل الكثير بين المعطوف والمعطوف عليه.
الثاني : وقوع الاختلاف بينهما في الفعلية والاسمية وهو لا يجوز، والإمام أبو حيان منع كون الفاصل كثيراً.
وقال في الوجه الثاني : إنه كلام من لم يتأمل كلام العرب ولا نظر في أبواب الاشتغال.


الصفحة التالية
Icon