وقيل : إنها نزلت في قوم من المسلمين أسرفوا على أنفسهم في العبادة، وخافوا ألاّ يتقبل منهم لذنوب سبقت لهم في الجاهلية.
وقال ابن عباس أيضاً وعطاء : نزلت في وحشِيّ قاتل حمزة ؛ لأنه ظن أن الله لا يقبل إسلامه : وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال :" أتَى وَحْشيّ إلى النبيّ ﷺ ؛ فقال : يا محمد أتيتك مستجيراً فأجرني حتى أسمع كلام الله.
فقال رسول الله ﷺ :"قد كنت أحبّ أن أراك على غير جوار فأما إذ أتيتني مستجيراً فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله" قال : فإني أشركت بالله وقتلت النفس التي حرم الله وزنيت، هل يقبل الله مني توبة؟ فصمت رسول الله ﷺ حتى نزلت :﴿ والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ ﴾ [ الفرقان : ٦٨ ] إلى آخر الآية فتلاها عليه ؛ فقال أرى شرطاً فلعلي لا أعمل صالحاً، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله.
فنزلت :﴿ إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ ﴾ [ النساء : ٤٨ ] فدعا به فتلا عليه ؛ قال : فلعلي ممن لا يشاء أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله.
فنزلت :﴿ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله ﴾ فقال : نعم الآن لا أرى شرطاً.
فأسلم "
وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن شَهْر بن حَوْشَب عن أسماء : أنها سمعت النبيّ ﷺ يقرأ :﴿ قُلْ يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم ﴾.
وفي مصحف ابن مسعود ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً لِمَنْ يَشَاءُ ﴾.
قال أبو جعفر النحاس : وهاتان القراءتان على التفسير، أي يغفر الله لمن يشاء.


الصفحة التالية
Icon