وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾
هذه الآية عامة في جميع الناس إلى يوم القيامة في كافر ومؤمن، أي إن توبة الكافر تمحو ذنوبه، وتوبة العاصي تمحو ذنبه. واختلف هل يكون في المشيئة أو هو مغفور له ولا بد؟ فقالت فرقة من أهل السنة : هو مغفور له ولا بد، وهذا مقتضى ظواهر القرآن، وقالت فرقة : التائب في المشيئة، لكن يغلب الرجاء في ناحيته، والعاصي في المشيئة، لكن يغلب الخوف في ناحيته.
واختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية، فقال عطاء بن يسار : نزلت في وحشي قاتل حمزة. وقال قتادة والسدي وابن أبي إسحاق : نزلت في قوم بمكة آمنوا ولم يهاجروا وفتنهم قريش فافتتنوا، ثم ندموا وظنوا أنهم لا توبة لهم فنزلت الآية فيهم، منهم الوليد بن الوليد، وهشام بن العاصي، وهذا قول عمر بن الخطاب وأنه كتبها بيده إلى هشام بن العاصي الحديث. وقالت فرقة : نزلت في قوم كفار من أهل الجاهلية، قالوا : وما ينفعنا الإسلام ونحن قد زنينا وقتلنا الناس وأتينا كل كبيرة فنزلت الآية فيهم. وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر : هذه أرجى آية في القرآن. وروى ثوبان عن النبي ﷺ : أنه قال :" ما أحب أن لي الدنيا بما فيها بهذه الآية "، ﴿ يا عبادي ﴾ و: ﴿ أسرفوا ﴾ معناه : أفرطوا وتعدوا الطور. والقنط. أعظم اليأس.
وقرأ نافع وجمهور الناس :" تقَنطوا " بفتح النون. قال أبو حاتم : يلزمهم أن يقرؤوا :﴿ من بعد ما قنطوا ﴾ [ الشورى : ٢٨ ] بالكسر، ولم يقرأ به أحد. وقرأ الأشهب العقيلي بضم النون. وقرأ أبوعمرو وابن وثاب بكسرها، وهي لغات.


الصفحة التالية
Icon