فلما فرغ من كلامه ارتفع استعلان الرب عن إبراهيم، فانطلق إبراهيم بإسماعيل ابنه وجميع أولاد بيته والمبتاعين بما له كل ذكر من بيت إبراهيم فختن غرلهم في ذلك اليوم كما أمره الله، وكان قد أتى على إبراهيم تسع وتسعون سنة إذ ختن غرلته وكان قد أتى إسماعيل ابنه إذ اختتن ثلاث عشرة سنة، وختن أيضاً معه أبناء الغرباء المشايعين ثم أكمل البشارة بإسحاق، كما سيأتي في سورة هود إن شاء الله تعالى - إلى أن قال : وذكر الرب سارة كما قال : وصنع الله تبارك وتعالى بسارة كما وعد، فحبلت وولدت لإبراهيم ابناً على كبره في الوقت الذي وعد الله، فسمى إبراهيم ابنه من سارة إسحاق، فختن إبراهيم إسحاق ابنه في اليوم الثامن كما أمره الرب، وكان إبراهيم ابن مائة سنة، فقالت سارة : لقد أنعم الله عليّ وفرحني فرحاً عظيماً، فمن سمع فليفرح لي، وقالت : من كان يقول لإبراهيم : إن سارة ترضع غلاماً وتلد ابناً بعد الكبر ؛ فشب الغلام وفطم وصنع إبراهيم يوم فطم مأدبة عظيمة - ثم أعاد ذكر أمر سارة بإخراج هاجر وإبعادها وأن هذا شق على إبراهيم جداً وقال : فقال الله لإبراهيم : لا يشقن عليك حال الصبي وأمتك، فغدا إبراهيم باكراً وأخذ خبزاً وإداوة من ماء فأعطاها هاجر وحملها والصبي والطعام فانطلقت وتاهت في برية بئر سبع - وفي نسخة بئر الحلف، لأن إبراهيم حالف صاحب تلك الأرض عندها - ونفد الماء من الإداوة فألقت الصبي تحت شجرة من الشيح وانطلقت وجلست قبالته وتباعدت عنه كرمية بسهم كيلا تعاين موته، فلما صرخ الغلام وبكى سمع الرب صوته فدعا ملاك الرب هاجر من السماء وقال لها : ما لك يا هاجر ؟ لا تخافي، لأن الرب قد سمع صوت الصبي حيث هو، قومي فاحملي الصبي وشدي به يديك، لأني أجعله رئيساً لشعب عظيم، فجلى الله عن بصرها فرأت بئر ماء، فانطلقت فملأت الإدواة وسقت الغلام، وكان الله مع الغلام فشب وسكن برية فاران وكان يتعلم الرمي في تلك البرية


الصفحة التالية
Icon