وقال الآلوسى :
﴿ وَسِيقَ الذين كَفَرُواْ إلى جَهَنَّمَ زُمَراً ﴾ الخ
تفصيل للتوفية وبيان لكيفيتها، والفاء ليس بلازم، والسوق يقتضي الحث على المسير بعنف وإزعاج وهو الغالب ويشعر بالإهانة وهو المراد هنا أي سيقوا إليها بالعنف والإهانة أفواجاً متفرقة بعضها في أثر بعض مترتبة حسب ترتب طبقاتهم في الضلالة والشرارة، والزمر جمع زمرة قال الراغب : هي الجماعة القليلة، ومنه قيل شاة زمرة قليلة الشعر ورجل زمر قليل المروءة، ومنه اشتق الزمر، والزمارة كناية عن الفاجرة، وقال بعضهم.
اشتقاق الزمرة من الزمر وهو الصوت إذ الجماعة لا تخلو عنه ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أبوابها ﴾ ليدخلوها وكانت قبل مجيئهم غير مفتوحة فهي كسائر أبواب السجون لا تزال مغلقة حتى يأتي أصحاب الجرائم الذين يسجنون فيها فتفتح ليدخلوها فإذا دخلوها أغلقت عليهم، و﴿ حتى ﴾ هي التي تحكي بعدها الجملة، والكلام على إذا الواقعة بعدها قد مر في الانعام.
وقرأ غير واحد ﴿ فُتِحَتْ ﴾ بالتشديد ﴿ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا ﴾ على سبيل التقريع والتوبيخ ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ ﴾ أي من جنسكم تفهمون ما ينبؤنكم به ويسهل عليكم مراجعتهم.
وقرأ ابن هرمز ﴿ تأتكم ﴾ بتاء التأنيث، وقرىء ﴿ نَّذْرٍ مّنكُمْ ﴾ ﴿ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايات رَبّكُمْ ﴾ المنزلة لمصلحتكم ﴿ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا ﴾ أي وقتكم هذا وهو وقت دخولكم النار لأن المنذر به في الحقيقة العذاب ووقته، وجوز أن يراد به يوم القيامة والآخرة لاشتماله على هذا الوقت أو على ما يختص بهم من عذابه وأهواله، ولا ينافيه كونه في ذاته غير مختص بهم ؛ والإضافة لامية تفيد الاختصاص لأنه يكفي للاختصاص ما ذكر، نعم الأول أظهر فيه.
واستدل بالآية على أنه لا تكليف قبل الشرع لأنهم ويخوهم بكفرهم بعد تبليغ الرسل للشرائع وإنذارهم ولو كان قبح الكفر معلوماً بالعقل دون الشرع لقيل.