والقول الخامس : قال قتادة الله أعلم بأنهم من هم، وليس في القرآن والأخبار ما يدل على أنهم من هم.
ثم قال تعالى :﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾ وفيه أبحاث :
الأول : لفظ القرآن دل على أن هذه النفخة متأخرة عن النفخة الأولى، لأن لفظ ﴿ثُمَّ﴾ يفيد التراخي، قال الحسن رحمه الله القرآن دل على أن هذه النفخة الأولى، وروي عن النبي ﷺ :" أن بينهما أربعين " ولا أدري أربعون يوماً أو شهراً أو أربعون سنة أو أربعون ألف سنة.
الثاني : قوله ﴿أخرى﴾ تقدير الكلام ونفخ في الصور نفخة واحدة ثم نفخ فيه نفخة أخرى، وإنما حسن الحذف لدلالة أخرى عليها ولكونها معلومة.
الثالث : قوله ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ﴾ يعني قيامهم من القبور يحصل عقيب هذه النفخة الأخيرة في الحال من غير تراخ لأن الفاء في قوله ﴿فَإِذَا هُم﴾ تدل على التعقيب.
الرابع : قوله ﴿يُنظَرُونَ﴾ وفيه وجهان الأول : ينظرون يقلبون أبصارهم في الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب عظيم والثاني : ينظرون ماذا يفعل بهم، ويجوز أن يكون القيام بمعنى الوقوف والخمود في مكان لأجل استيلاء الحيرة والدهشة عليهم.
ولما بين الله تعالى هاتين النفختين قال :﴿وَأَشْرَقَتِ الأرض بِنُورِ رَبّهَا﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
هذه الأرض المذكورة ليست هي هذه الأرض التي يقعد عليها الآن بدليل قوله تعالى :﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض﴾ [ إبراهيم : ٤٨ ] وبدليل قوله تعالى :﴿وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً واحدة﴾ [ الحاقة : ١٤ ] بل هي أرض أخرى يخلقها الله تعالى لمحفل يوم القيامة.
المسألة الثانية :
قالت المجسمة : إن الله تعالى نور محض، فإذا حضر الله في تلك الأرض لأجل القضاء بين عباده أشرقت تلك الأرض بنور الله، وأكدوا هذا بقوله تعالى :﴿الله نُورُ السموات والأرض﴾ [ النور : ٣٥ ].