المجادلين اليهود جادلوا حضرة الرسول في أمره فنزلت الآية الأولى فيهم، وهذه نزلت بعدها معها، وهذا فيه بعد إذ لا يلزم من كون الآية الأولى فيهم لزوم كون الثانية فيهم أيضا إذ ليس كل آية مدنية في حق اليهود، إذ لا مانع أن تكون في مشركي العرب وغيرهم المجادلين في البعث واستعظام إعادة الأجسام بعد فتاتها على حد قوله تعالى (أَ وَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) الآية ٨٦ من سورة يس في ج ١ أي أن خلق هذين الهيكلين العظيمين أعظم من خلق الناس وإعادتهم بعد إماتتهم فتكون مسوقة لمنكري البعث، لأنهم لا يستدلون بالأكبر على الأدنى، ولأن إعادة البشر بالنسبة إلى بداية خلقه كلا شيء، كما أن إعادتهم بالنسبة لخلق السموات والأرض كلا شيء "وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ٥٧" لكونهم في غاية الجهل ونهاية من البلادة فيما يتعلق بأمور الدين ومكونات الكون ومبتدعاته، أما الأقل منهم أولو الألباب الذين يستدلون بالأدنى على الأكبر ويعتقدون قدرة اللّه فوق كل قدرة وقادرة على كل شيء لأنهم ينتفعون بجوارحهم فيتفكرون ويتدبرون، ولو أن الأكثر استعملوا عقولهم لما أنكروا على اللّه قدرته، ولكن قد استولت الغفلة عليهم فحالت دون تأملهم بذلك.
روى مسلم عن هشام بن عروة قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال، أي أكبر فتنة منه وأعظم شوكة في انقياد الناس إليه.
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ذكر الدجال فقال إنه أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية.


الصفحة التالية
Icon