قال تعالى "وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ" من تلقاء نفسه أو بحسب اقتراح قومه عليه إذ لا يتمكن من الإتيان بها "إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" فإذا أذن له أظهرها على يده وإلا لا "فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ" بعذاب قوم "قُضِيَ بِالْحَقِّ" بين الرسل وأممهم "وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ ٧٨" الذين يكلفون أنبياءهم بالمعجزات ويجادلونهم بالباطل عنادا ومكابرة، ثم بين نبذة من أفضاله على خلقه فقال تعالى "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها" أي اللاتي للركوب كالإبل والخيل والبراذين وشبهها "تَأْكُلُونَ ٧٩" ففيها نعمتان نعمة الركوب ونعمة الأكل، ومنها للأكل فقط كالغنم والمعزى وغيرهما، ومنها للأكل والعمل كالبقر والجاموس وغيرهما، إذ تستعمل للحراثة وقد تستعمل الإبل لها وللسقي "وَلَكُمْ فِيها" كلها "مَنافِعُ" أخرى غير الأكل والركوب والعمل من حليب ولبن وزبدة وسمن وجبن واقط وصوف ووبر وشعر للباس والبيوت وغيرها "وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ" من زيارة البلاد والآثار الموجبة للعبر وللنزه وحمل الأثقال والاتجار لكسب الأموال
بأثمانها أو بالمقايضة وتنميتها والكرم بها وغير ذلك كثير "وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ٨٠" برا وبحرا
َ يُرِيكُمْ"
اللّه تعالى ياتِهِ"
في تنقلاتكم عليها من البلاد البعيدة القائمة والمدمرة لتعتبروا بها وتشكروا الذي عافاكم مما ابتلى أهلها من العذاب الباقي أثره في ديارهم لتتذكروا فترجعوا إلى ربكم خشية أن يصيبكم ما أصابهم ولنعتبروا بهاَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
٨١" أيها الناس وهي ظاهرة لا يمتري فيها أحد، إلا من لم يكن عنده لمعة من فكر أو ذرة من عقل، وجاءت كلمة أي هنا مذكرة في محل التأنيث لأن الشائع المستفيض هو تذكير أي في المذكر والمؤنث وقد جاء تأنيثها في المؤنث في قوله :


الصفحة التالية
Icon