التي تعقب هذه الحياة، وسيأتي لهذا البحث صلة في الآية ٤٦ من هذه السورة، وقالوا أيضا لربهم "فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا" الآن وتبنا عما كنّا عليه في الدنيا "فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ١١" للرجوع إلى الدنيا لنعمل صالحا يا إلهنا لأنا عرفنا كل شيء كنا نكرهه وننكره أنه حق كالبعث وإنزال الكتب وإرسال الرسل والجنة والنار وغيرها والحساب والعقاب على كل ذرة من الأفعال وكل حرف من الأقوال وكل حركة من الأطوار وكل فتيل ونفير وقطمير، وتحقق لدينا أن الشرك باطل والأوثان لا تنفع وأن الملائكة وعزير وعيسى عباد اللّه تعالى ليس لهم من الأمر شيء ولا شفيع ولا شفاعة إلا بإذن اللّه لمن يريده، وأن اللّه منزه عن الصاحبة والولد لا وزير له ولا شريك.
فقيل لهم لا طريق إلى الرجوع إلى الدنيا ولا سبيل إلى الخروج من النار "ذلِكُمْ" الذي أوقعكم في العذاب وحرمكم من ثواب الآخرة منّى لكم الرجوع إلى الدنيا هو "بِأَنَّهُ" كنتم "إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ" به واشمأزت نفوسكم من ذكره "وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا" تصدقوا وتستبشروا، وقد بلغتكم رسلكم مصيره وحذرتكم هول هذا اليوم الذي تخلدون فيه بما أنتم عليه من العذاب، وليس بوسع أحد إجابة طلبكم، ثم تقول لهم الملائكة أيضا قولوا كما نقول نحن لا مناص مما حكم اللّه به "فَالْحُكْمُ لِلَّهِ" في هذا اليوم العصيب "الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ١٢" الذي لا أعلى ولا أكبر منه، ولا رادّ لحكمه ولا معقب لقضائه.
مطلب احتجاج الحرورية ومعنى الروح وإعلان التفرد بالملك وإجابة الكل للّه به :
قيل كان الحرورية أخذوا قولهم لا حكم إلا للّه من هذه الآية، قال قتادة :
لما خرج أهل حروراء قال علي كرم اللّه وجهه من هؤلاء ؟ قيل المحكمون أي القائلون لا حكم إلا للّه، فقال رضي اللّه عنه : كلمة حق أريد بها باطل.