ونظير هذه الآية الآية ١٢١ من سورة الأعراف المارة في ج ١، ولما كان مؤمن آل فرعون المار
ذكره في الآية ٧ من سورة القصص المارة في ج ١، يسمع قول فرعون وآله وقول موسى عليه السلام، أخذته الأريحية، فانتبهت مروءته "وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ" بموسى وربه من يوم ألقي في البحر، راجع قصته في الآية المذكورة آنفا من القصص "أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا" أيها الناس بسبب "أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ" استفهام إنكار بتعجب لأن مثل هذا ينبغي أن يتّبع لا أن يقتل، وكيف تقتلونه "وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ" اليد والعصا وإزالة العقدة وإفحام السحرة "مِنْ رَبِّكُمْ" برهانا واضحا على صدق دعوته وفي قوله رحمه اللّه (مِنْ رَبِّكُمْ) بعث لهم على أن يقتدوا به بالكفّ عن تعرضه فيما يدعيه "وَإِنْ يَكُ كاذِباً" كما تزعمون "فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ" لا يلحقكم من وباله شيء "وَإِنْ يَكُ صادِقاً" وكذبتوه بما جاءكم عنادا لا بد "يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ" به من العذاب إن لم يحل بكم كله.
وهذه على طريقة التقسيم في بديع الكلام، أي الأمر لا يخلو من أحد هذين الأمرين وكان أوعدهم بعذاب الدنيا والآخرة، وعليه يكون المراد بالبعض هنا عذاب الدنيا، لأنه مهما عظم فهو جزء قليل من عذاب الآخرة، وقد تأتي بعض بمعنى الكل، قال عمرو القطامي :
قد يدرك المتمني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
ولعلها التأني بدليل مقابلتها بالمستعجل.
وقال :
إن الأمور إذا الأحداث دبرها دون الشيوخ ترى في بعضها خللا
وقال الآخر :
تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها


الصفحة التالية
Icon