يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا" و
هذا العرض يكون لهم في البرزخ بعد الموت، هو غير
عذاب الآخرة بدليل قوله تعالى "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ" يقال لخزنة جهنم "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ٤٦" أعظمه وأكبر أنواعه وأفظع ألوانه وأقبح أشكاله، ومنه إراءتهم أمكنتهم في الجنة لو كانوا مؤمنين ثم زجهم في النار حتى وصلوا إلى قعرها.
مطلب عذاب القبر ومحاججة أهل النار وبقاء النفس والدجال :
روى البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشية إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال هذا مقعدك حتى يبعثك للّه إليه يوم القيامة.
وفي هذا دليل ظاهر على بقاء النفس وعذاب القبر في البرزخ لا غبار عليه، لأن المراد من العرض في الآية والمقعد في الحديث هو برزخ القبر لا غير، ولأن البعث يكون منه، ولا يراد منه وجوده في الدنيا، لأنه لم يكن حاصلا فيها، ولا يقال إنه خاص بآل فرعون لأنه إذا ثبت في حقهم ثبت في غيرهم، إذ لا قائل في الغرق، تدبر.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبيد بن حميد عن هذيل بن شرحبيل أن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار، فذلك عرضها.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن ابن مسعود نحو ذلك، وهذه الطير صور يخلقها اللّه تعالى من صور أعمالهم كما يخلق لتمثيل أرواح الشهداء طيرا خضرا ترتع في الجنة لتنعم في البرزخ قبل نعمة الآخرة.
ويؤيد هذا، الحديث الوارد، القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.
وأحاديث أخرى في هذا المعنى، وهذا البحث صلة في الآية ٢٤ من سورة نوح الآتية إن شاء اللّه، واللّه على كل شيء قدير.