في الآية حذف وفيها أيضاً تقديم وتأخير، أما الحذف فتقديره لمقت الله إياكم، وأما التقديم والتأخير فهو أن التقدير أن يقال لمقت الله لكم حال ما تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم وفي تفسير مقتهم أنفسهم وجوه الأول : أنهم إذا شاهدوا القيامة والجنة والنار مقتوا أنفسهم على إصرارهم على التكذيب بهذه الأشياء في الدنيا الثاني : أن الأتباع يشتد مقتهم للرؤساء الذين دعوهم إلى الكفر في الدنيا، والرؤساء أيضاً يشتد مقتهم للأتباع فعبر عن مقت بعضهم بعضاً بأنهم مقتوا أنفسهم، كما أنه تعالى قال :﴿فاقتلوا أَنفُسَكُمْ﴾ [ البقرة : ٥٤ ] والمراد قتل بعضهم بعضاً الثالث : قال محمد بن كعب إذا خطبهم إبليس وهم في النار بقوله ﴿وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان﴾ - إلى قوله - ﴿وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ [ إبراهيم : ٢٢ ] ففي هذه الحالة مقتوا أنفسهم، واعلم أنه لا نزاع أن مقتهم أنفسهم إنما يحصل في يوم القيامة، أما مقت الله لهم ففيه وجهان الأول : أنه حاصل في الآخرة، والمعنى لمقت الله لكم في هذا الوقت أشد من مقتكم أنفسكم في هذا الوقت (١)والثاني : وعليه الأكثرون أن التقدير لمقت الله لكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون، أكبر من مقتكم أنفسكم الآن ففي تفسير الألفاظ المذكورة في الآية أوجه الأول : أن الذين ينادونهم ويذكرون لهم هذا الكلام هم خزنة جهنم الثاني : المقت أشد البغض وذلك في حق الله تعالى محال، فالمراد منه أبلغ الإنكار والزجر الثالث : قال الفراء ﴿يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ الله﴾ معناه إنهم ينادون إن مقت الله أكبر يقال ناديت إن زيداً قائم وإن زيداً لقائم الرابع : قوله ﴿إذ تدعون إلى الإيمان﴾ فيه حذف والتقدير لمقت الله لكم إذ تدعون إلى الإيمان فتأتون بالكفر أكبر من مقتكم الآن أنفسكم.