البحث الثاني : هذه الآية مشعرة بترجيح جانب الرحمة والفضل، لأنه تعالى لما أراد أن يصف نفسه بأنه شديد العقاب ذكر قبله أمرين كل واحد منهما يقتضي زوال العقاب، وهو كونه غافر الذنب وقابل التوب وذكر بعده ما يدل على حصول الرحمة العظيمة، وهو قوله ﴿ذِى الطول﴾، فكونه شديد العقاب لما كان مسبوقاً بتينك الصفتين وملحوقاً بهذه الصفة، دل ذلك على أن جانب الرحمة والكرم أرجح.
البحث الثالث : لقائل أن يقول ذكر الواو في قوله ﴿غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب﴾ ولم يذكرها في قوله ﴿شَدِيدُ العقاب﴾ فما الفرق ؟ قلنا إنه لو لم يذكر الواو في قوله ﴿غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب﴾ لاحتمل أن يقع في خاطر إنسان أنه لا معنى لكونه غافر الذنب إلا كونه قابل التوب، أما لما ذكر الواو زال هذا الاحتمال، لأن عطف الشيء على نفسه محال، أما كونه شديد العقاب فمعلوم أنه مغاير لكونه ﴿غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب﴾ فاستغنى به عن ذكر الواو.