فصل


قال الفخر :
واعلم أنه تعالى لما قرر أن القرآن كتاب أنزله ليهتدى به في الدين ذكر أحوال من يجادل لغرض إبطاله وإخفاء أمره فقال :﴿مَا يجادل فِى ءايات الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
أن الجدال نوعان جدال في تقرير الحق وجدال في تقرير الباطل، أما الجدال في تقرير الحق فهو حرفة الأنبياء عليهم السلام قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم
﴿وجادلهم بالتى هِىَ أَحْسَنُ﴾ [ النمل : ١٢٥ ] وقال حكاية عن الكفار أنهم قالوا لنوح عليه السلام ﴿يانوح قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ [ هود : ٣٢ ] وأما الجدال في تقرير الباطل فهو مذموم وهو المراد بهذه الآية حيث قال :﴿مَا يجادل فِى ءايات الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ﴾ وقال :﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [ الزخرف : ٥٨ ] وقال :﴿وجادلوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق﴾ وقال ﷺ :" إن جدالاً في القرآن كفر " فقوله إن جدالاً على لفظ التنكير يدل على التمييز بين جدال لأجل تقريره والذب عنه، قال ﷺ :" إن جدالاً في القرآن كفر " وقال :" لا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر ".
المسألة الثانية :
الجدال في آيات الله هو أن يقال مرة إنه سحر ومرة إنه شعر ومرة إنه قول الكهنة ومرة أساطير الأولين ومرة إنما يعلمه بشر، وأشباه هذا مما كانوا يقولونه من الشبهات الباطلة فذكر تعالى أنه لا يفعل هذا إلا الذين كفروا وأعرضوا عن الحق.


الصفحة التالية
Icon