وهذا كلام من لم يقف على علم النحو، ولا نظر فيه، ويلزمه أن يكون حكيم عليم من قوله :﴿ من لدن حكيم عليم ﴾ ومليك مقتدر من قوله :﴿ عند مليك مقتدر ﴾ معارف لتنزيه صفاته عن الحدوث والتجدد، ولأنها صفات لم تحصل بعد أن لم تكن، ويكون تعريف صفات بأل وتنكيرها سواء، وهذا لا يذهب إليه مبتدىء في علم النحو، فضلاً عمن صنف فيه، وقدم على تفسير كتاب الله.
وتلخص من هذا الكلام المطوّل أن غافر الذنب وما عطف عليه وشديد العقاب أوصاف، لأن المعطوف على الوصف وصف، والجميع معارف على ما تقرر أو أبدال، لأن المعطوف على البدل بدل لتنكير الجميع.
أو غافر وقابل وصفان، وشديد بدل لمعرفة ذينك وتنكير شديد.
وقال الزمخشري : فإن قلت : ما بال الواو في قوله :﴿ وقابل التوب ﴾ ؟ قلت : فيها نكتة جليلة، وهي إفادة الجمع للمذنب التائب بين رحمتين، بين أن يقبل توبته فيكتبها له طاعة من الطاعات، وأن يجعلها محاءة للذنوب، كأن لم يذنب، كأنه قال : جامع المغفرة والقبول. انتهى.
وما أكثر تلمح هذا الرجل وشقشقته، والذي أفاد أن الواو وللجمع، وهذا معروف من ظاهر علم النحو.
وقال صاحب الغنيان : وإنما عطف لاجتماعهما وتلازمهما وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر، وقطع شديد العقاب عنهما فلم يعطف لانفراده.
انتهى، وهي نزغة اعتزالية.
ومذهب أهل السنة جواز غفران الله للعاصي، وإن لم يتب إلا الشرك.
والتوب يحتمل أن يكون كالذنب، اسم جنس ؛ ويحتمل أن يكون جمع توبة، كبشر وبشرة، وساع وساعة.
والظاهر من قوله :﴿ وقابل التوب ﴾ أن توبة العاصي بغير الكفر، كتوبة العاصي بالكفر مقطوع بقبولها.
وذكروا في القطع بقبول توبة العاصي قولين لاهل السنة.
ولما ذكر تعالى شدة عقابه أردفه بما يطمع في رحمته، وهو قوله :﴿ ذي الطول ﴾، فجاء ذلك وعيداً اكتنفه وعدان.