قال ابن عباس : الطول : السعة والغنى ؛ وقال قتادة : النعم ؛ وقال ابن زيد : القدرة، وقوله : طوله، تضعيف حسنات أوليائه وعفوه عن سيئاتهم.
ولما ذكر جملة من صفاته العلا الذاتية والفعلية، ذكر أنه المنفرد بالألوهية، المرجوع إليه في الحشر ؛ ثم ذكر حال من جادل في الكتاب، وأتبع بذكر الطائعين من ملائكته وصالحي عباده فقال :﴿ وما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ﴾، وجدالهم فيها قولهم : مرة سحر، ومرة شعر، ومرة أساطير الأولين، ومرة إنما يعلمه بشر، فهو جدال بالباطل، وقد دل على ذلك بقوله :﴿ وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ﴾ وقال السدي : ما يجادل : أي ما يماري.
وقال ابن سلام : ما يجحد.
وقال أبو العالية : نزلت في الحرث بن قيس، أحد المستهزئين.
وأما ما يقع بين أهل العلم من النظر فيها، واستيضاح معانيها، واستنباط الأحكام والعقائد منها، ومقارعة أهل البدع بها، فذلك فيه الثواب الجزيل.
ثم نهى السامع أن يغتر بتقلب هؤلاء الكفار في البلاد وتصرفاتهم فيها، بما أمليت لهم من المساكن والمزارع والممالك والتجارات والمكاسب، وكانت قريش تتجر في الشأم والمين ؛ فإن ذلك وبال عليهم وسبب في إهلاكهم، كما هلك من كان قبلهم من مكذبي الرسل.
وقرأ الجمهور :﴿ فلا يغررك ﴾، بالفك، وهي لغة أهل الحجاز.
وقرأ زيد بن علي : وعبيد بن عمير : فلا يغرك، بالإدغام مفتوح الراء، وهي لغة تميم.
ولما كان جدال الكفار ناشئاً عن تكذيب ما جاء به الرسول، عليه السلام، من آيات الله، ذكر من كذب قبلهم من الأمم السالفة، وما صار إليه حالهم من حلول نقمات الله بهم، ليرتدع بهم كفار من بعث الرسول، عليه السلام، إليهم ؛ فبدأ بقوم نوح، إذ كان عليه السلام أول رسول في الأرض، وعطف على قومه الأحزاب، وهم الذين تحزبوا على الرسل.