اعلم أن الملائكة وصفوا الله تعالى بثلاثة أنواع من الصفات : الربوبية والرحمة والعلم، أما الربوبية فهي إشارة إلى الإيجاد والإبداع، وفيه لطيفة أخرى وهي أن قولهم ﴿رَبَّنَا﴾ إشارة إلى التربية، والتربية عبارة عن إبقاء الشيء على أكمل أحواله وأحسن صفاته، وهذا يدل على أن هذه الممكنات، كما أنها محتاجة حال حدوثها إلى إحداث الحق سبحانه وتعالى وإيجاده، فكذلك إنها محتاجة حال بقائها إلى إبقاء الله، وأما الرحمة فهي إشارة إلى أن جانب الخير والرحمة والإحسان راجح على جانب الضر، وأنه تعالى إنما خلق الخلق للرحمة والخير، لا للاضرار والشر، فإن قيل قوله ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَىْء رَّحْمَةً وَعِلْماً﴾ فيه سؤال، لأن العلم وسع كل شيء، أما الرحمة فما وصلت إلى كل شيء، لأن المضرور حال وقوعه في الضر لا يكون ذلك الضرر رحمة، وهذا السؤال أيضاً مذكور في قوله