﴿ التلاقي ﴾ : مكي ويعقوب ﴿ يَوْمَ هُم بارزون ﴾ ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء ﴿ لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَىْءٌ ﴾ أي من أعمالهم وأحوالهم ﴿ لّمَنِ الملك اليوم ﴾ أي يقول الله تعالى ذلك حين لا أحد يجيبه، ثم يجيب نفسه بقوله ﴿ للَّهِ الواحد الْقَهَّارِ ﴾ أي الذي قهر الخلق بالموت، وينتصب ﴿ اليوم ﴾ بمدلول ﴿ لِمَنْ ﴾ أي لمن ثبت الملك في هذا اليوم، وقيل : ينادي منادٍ فيقول : لمن الملك اليوم فيجيبه أهل المحشر : لله الواحد القهار.
﴿ اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ اليوم إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب ﴾ لما قرر أن الملك لله وحده في ذلك اليوم عدد نتائج ذلك وهي أن كل نفس تجزى بما كسبت عملت في الدنيا من خير وشر، وأن الظلم مأمون منه لأنه ليس بظلام للعبيد، وأن الحساب لا يبطيء لأنه لا يشغله حساب عن حساب، فيحاسب الخلق كله في وقت واحد وهو أسرع الحاسبين ﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزفة ﴾ أي القيامة سميت بها لأزوفها أي لقربها، ويبدل من يوم الآزفة ﴿ إِذِ القلوب لَدَى الحناجر ﴾ أي التراقي يعني ترتفع قلوبهم عن مقارها فتلصق بحناجرهم فلا هي تخرج فيموتوا ولا ترجع إلى مواضعها فيتنفسوا ويتروّحوا ﴿ كاظمين ﴾ ممسكين بحناجرهم.
من كظم القربة شد رأسها، وهو حال من القلوب محمول على أصحابها، أو إنما جمع الكاظم جمع السلامة لأنه وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء ﴿ مَا للظالمين ﴾ الكافرين ﴿ مِنْ حَمِيمٍ ﴾ محب مشفق ﴿ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ أي يشفع وهو مجاز عن الطاعة، لأن الطاعة حقيقة لا تكون إلا لمن فوقك، والمراد نفي الشفاعة والطاعة كما في قوله :
ولا ترى الضب بها ينجحر...
يريد نفي الضب وانجحاره، وإن احتمل اللفظ انتفاء الطاعة دون الشفاعة، فعن الحسن : والله ما يكون لهم شفيع البتة.