﴿ يَوْمَ هُم بارزون ﴾ خارجون من قبورهم أو ظاهرون لا يسترهم شيء أو ظاهرة نفوسهم لا تحجبهم غواشي الأبدان، أو أعمالهم وسرائرهم. ﴿ لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَىْءٌ ﴾ من أعيانهم وأعمالهم وأحوالهم، وهو تقرير لقوله ﴿ هُم بارزون ﴾ وإزاحة لنحو ما يتوهم في الدنيا. ﴿ لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار ﴾ حكاية لما يسأل عنه في ذلك اليوم ولما يجاب به، أو لما دل عليه ظاهر الحال فيه من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط، وأما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائماً.
﴿ اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ كأنه نتيجة لما سبق، وتحقيقه أن النفوس تكتسب بالعقائد والأعمال هيئات توجب لذتها وأملها لكنها لا تشعر بها في الدنيا لعوائق تشغلها، فإذا قامت قيامتها زالت العوائق وأدركت لذاتها وألمها. ﴿ لاَ ظُلْمَ اليوم ﴾ ينقص الثواب وزيادة العقاب. ﴿ إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب ﴾ إذ لا يشغله شأن عن شأن فيصل إليهم ما يستحقونه سريعاً.
﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزفة ﴾ أي القيامة سميت بها لأزوفها أي قربها، أو الخطة الآزفة وهي مشارفتهم النار وقيل الموت. ﴿ إِذِ القلوب لَدَى الحناجر ﴾ فإنها ترتفع عن أماكنها فتلصق بحلوقهم فلا تعود فيتروحوا ولا تخرج فيستريحوا. ﴿ كاظمين ﴾ على الغم حال من أصحاب القلوب على المعنى لأنه على الإِضافة، أو منها أو من ضميرها في لدى وجمعه كذلك لأن الكظم من أفعال العقلاء كقوله :﴿ فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين ﴾ أو من مفعول ﴿ أَنذَرَهُمْ ﴾ على أنه حال مقدرة. ﴿ مَا لِلظَّالِمينَ مِنْ حَمِيمٍ ﴾ قريب مشفق. ﴿ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ ولا شفيع مشفع، والضمائر إن كانت للكفار وهو الظاهر كان وضع الظالمين موضع ضميرهم للدلالة على اختصاص ذلك بهم وأنه لظلمهم.


الصفحة التالية
Icon