وقوله تعالى :﴿ يلقي الروح ﴾ قال الضحاك :﴿ الروح ﴾ هنا هو الوحي القرآن وغيره مما لم يتل. وقال قتادة والسدي :﴿ الروح ﴾ النبوءة ومكانتها كما قال تعالى :﴿ روحاً من أمرنا ﴾ [ الشورى : ٥٢ ] ويسمى هذا روحاً لأنه يحيي به الأمم والأزمان كما يحيي الجسد بروحه، ويحتمل أن يكون إلقاء الروح عاماً لكل ما ينعم الله به على عباده المعتدين في تفهيمه الإيمان والمعتقدات الشريفة. والمنذر على هذا التأويل : هو الله تعالى. قال الزجاج :﴿ الروح ﴾ : كل ما به حياة الناس، وكل مهتد حي، وكل ضال كالميت.
وقوله :﴿ من أمره ﴾ إن جعلته جنساً للأمور ف ﴿ من ﴾ للتبعيض أو لابتداء الغاية، وإن جعلنا الأمر من معنى الكلام : ف ﴿ من ﴾ إما لابتداء الغاية، وإما بمعنى الباء، ولا تكون للتبعيض بتة وقرأ أبي بن كعب : وجماعة :" لينذِر " بالياء وكسر الذال، وفي الفعل ضمير يحتمل أن يعود على الله تعالى، ويحتمل أن يعود على ﴿ الروح ﴾، ويحتمل أن يعود على ﴿ من ﴾ في قوله :﴿ من يشاء ﴾. وقرأ محمد بن السميفع اليماني :" لينذَر " بالياء وفتح الذال، وضم الميم من " يومُ " وجعل اليوم منذراً على الاتساع. وقرا جمهور الناس :" لتنذر " بالتاء على مخاطبة محمد عليه السلام، ويومَ " بالنصب.
وقرأ أبو عمرو ونافع وجماعة :" التلاق " دون ياء. وقرأ أبو عمرو أيضاً وعيسى ويعقوب :" التلاقي " بالياء، والخلاف فيها كالخلاف الذي مر في ﴿ التنادي ﴾ [ غافر : ٣٢ ]، ومعناه : تلاقي جميع العالم بعضهم ببعض، وذلك أمر لم يتفق قبل ذلك اليوم، وقال السدي : معناه : تلاقي أهل السماء وأهل الأرض، وقيل معناه تلاقي الناس مع بارئهم، وهذا المعنى الأخير هو أشدها تخويفاً، وقيل يلتقي المرء وعمله.