التنادي تفاعل من النداء، يقال تنادى القوم، أي نادى بعضهم بعضاً، والأصل الياء وحذف الياء حسن في الفواصل، وذكرنا ذلك في ﴿يَوْمَ التلاق﴾ [ غافر : ١٥ ] وأجمع المفسرون على أن ﴿يَوْمَ التناد﴾ يوم القيامة، وفي سبب تسمية ذلك اليوم بذلك الاسم وجوه الأول : أن أهل النار ينادون أهل الجنة، وأهل الجنة ينادون أهل النار، كما ذكر الله عنهم في سورة الأعراف ﴿ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة﴾ [ الاعراف : ٥٠ ]، ﴿وَنَادَى أصحاب الجنة أصحاب النار﴾ [ الاعراف : ٤٤ ]، الثاني : قال الزجاج : لا يبعد أن يكون السبب فيه قوله تعالى :﴿يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بإمامهم﴾ [ الإسرار : ٧١ ]، الثالث : أنه ينادي بعض الظالمين بعضاً بالويل والبثور فيقولون ﴿يا ويلنا﴾ [ الأنبياء : ١٤ ]، الرابع : ينادون إلى المحشر، أي يدعون الخامس : ينادي المؤمن ﴿هَاؤُمُ اقرؤا كتابيه﴾ [ الحاقة : ١٩ ] والكافر ﴿ياليتنى لَمْ أُوتَ كتابيه﴾ [ الحاقة : ٢٥ ]، السادس : ينادى باللعنة على الظالمين السابع : يجاء بالموت على صورة كبش أملح، ثم يذبح وينادى يا أهل القيامة لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحاً على فرحهم، وأهل النار حزناً على حزنهم الثامن : قال أبو علي الفارسي : التنادي مشتق من التناد، من قولهم ند فلان إذا هرب، وهو قراءة ابن عباس وفسرها، فقال يندون كما تند الإبل، ويدل على صحة هذه القراءة قوله تعالى :﴿يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ﴾ [ عبس : ٣٤ ] الآية.
وقوله تعالى بعد هذه الآية ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾ لأنهم إذا سمعوا زفير النار يندون هاربين، فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا ملائكة صفوفاً، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon