وقالت فرقة : يعلم متصل بقوله :﴿ لا يخفي على الله منهم شيء ﴾، وهذا قول حسن، يقويه تناسب المعنيين، ويضعفه بعد الآية من الآية وكثرة الحائل. انتهى.
وقال الزمخشري : فإن قلت : فإن قلت : بم اتصل قوله :﴿ يعلم خائنة الاعين ﴾ ؟ قلت : هو خبر من أخبار هو في قوله :﴿ هو الذي يريكم البرق ﴾ مثل :﴿ يلقي الروح ﴾، ولكن من يلقي الروح قد علل بقوله :﴿ لينذر يوم التلاق ﴾، ثم أسقط وتذكر أحوال يوم التلاق إلى قوله :﴿ ولا شفيع يطاع ﴾، فبعد لذلك عن إخوانه. انتهى.
وفي بعض الكتب المنزلة، انا مرصاد الهمم، انا العالم بحال الفكر وكسر العيون.
وقال مجاهد : خائنة الأعين : مسارقة النظر إلى ما لا يجوز ؛ ومثل المفسرون خائنة الأعين بالنظر الثاني إلى حرمة غير الناظر، وما تحفي الصدور بالنظر الأول الذي لا يمكن رفعه.
﴿ والله يقضي بالحق ﴾ : هذا يوجب عظيم الخوف، لأن الحاكم إذا كان عالماً بجميع الأحوال لا يقضي إلا بالحق في ما دق وجل خافه الخلق غاية.
﴿ والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء ﴾ : هذا قدح في أصنامهم وتهكم بهم، لأن ما لا يوصف بالقدرة، لا يقال فيه يقضي ولا يقضى.
وقرأ الجمهور :﴿ يدعون ﴾ بياء الغيبة لتناسب الضمائر الغائبة قبل.
وقرأ أبو جعفر، وشيبة، ونافع : بخلاف عنه ؛ وهشام : تدعون بتاء الخطاب، أي قل لهم يا محمد.
﴿ إن الله هو السميع البصير ﴾ : تقرير لقوله :﴿ يعلم خائننة الأعين وما تخفي الصدور ﴾، وعيد لهم بأنه يسمع ما يقولون ويبصر ما يعلمون وتعريض بأصنامهم أنها لا تسمع ولا تبصر.
﴿ أوَلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ﴾ : أحال قريشاً على الاعتبار بالسير، وجاز أن يكون فينظروا مجزوماً عطفاً على يسيروا وأن يكون منصوباً على جواب النفي، كما قال :
ألم تسأل فتخبرك الرسوم...


الصفحة التالية
Icon