قالت اليهود أطبق الباحثون عن تواريخ بني إسرائيل وفرعون أن هامان ما كان موجوداً ألبتة في زمان موسى وفرعون وإنما جاء بعدهما بزمان مديد ودهر داهر، فالقول بأن هامان كان موجوداً في زمان فرعون خطأ في التاريخ، وليس لقائل أن يقول إن وجود شخص يسمى بهامان بعد زمان فرعون لا يمنع من وجود شخص آخر يسمى بهذا الاسم في زمانه، قالوا لأن هذا الشخص المسمى بهامان الذي كان موجوداً في زمان فرعون ما كان شخصاً خسيساً في حضرة فرعون بل كان كالوزير له، ومثل هذا الشخص لا يكون مجهول الوصف والحلية فلو كان موجوداً لعرف حاله، وحيث أطبق الباحثون عن أحوال فرعون وموسى أن الشخص المسمى بهامان ما كان موجوداً في زمان فرعون وإنما جاء بعده بأدوار علم أن غلط وقع في التواريخ، قالوا ونظير هذا أنا نعرف في دين الإسلام أن أبا حنيفة إنما جاء بعد محمد ﷺ فلو أن قائلاً ادعى أن أبا حنيفة كان موجوداً في زمان محمد عليه السلام وزعم أنه شخص آخر سوى الأول وهو يسمى بأبي حنيفة، فإن أصحاب التواريخ يقطعون بخطئه فكذا ههنا والجواب : أن تواريخ موسى وفرعون قد طال العهد بها واضطربت الأحوال والأدوار فلم يبق على كلام أهل التواريخ اعتماد في هذا الباب، فكان الأخذ بقول الله تعالى أولى بخلاف حال رسولنا مع أبي حنيفة فإن هذه التواريخ قريبة غير مضطربة بل هي مضبوطة فظهر الفرق بين البابين، فهذا جملة ما يتعلق بالمباحث المعنوية في هذه الآية، وبقي ما يتعلق بالمباحث اللفظية.
قيل الصرح البناء الظاهر لا يخفى على الناظر وإن بعد، اشتقوه من صرح الشيء إذ ظهر و ﴿أسباب السموات﴾ طرقها، فإن قيل ما فائدة هذا التكرير.


الصفحة التالية
Icon