ولو قيل : لعلي أبلغ الأسباب السموات، كان كافياً ؟ أجاب صاحب "الكشاف" عنه فقال : إذا أبهم الشيء ثم أوضح كان تفخيماً لشأنه، فلما أراد تفخيم أسباب السموات أبهمها ثم أوضحها، وقوله ﴿فَأَطَّلِعَ إلى إله موسى﴾ قرأ حفص عن عاصم ﴿فَأَطَّلِعَ﴾ بفتح العين والباقون بالرفع، قال المبرد : من رفع فقد عطفه على قوله ﴿أبلغ﴾ والتقدير لعلي أبلغ الأسباب ثم أطلع إلا أن حرف ثم أشد تراخياً من الفاء، ومن نصب جعله جواباً، والمعنى لعلي أبلغ الأسباب فمتى بلغتها أطلع والمعنى مختلف، لأن الأول : لعلي أطلع والثاني : لعلي أبلغ وأنا ضامر أني متى بلغت فلا بد وأن أطلع.
واعلم أنه تعالى لما حكى عن فرعون هذه القصة قال بعدها ﴿كاذبا وكذلك زُيّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوء عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السبيل﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ عاصم وحمزة والكسائي ﴿وَصُدَّ﴾ بضم الصاد، قال أبو عبيدة : وبه يقرأ، لأن ما قبله فعل مبني للمفعول به فجعل ما عطف عليه مثله، والباقون ﴿وَصُدَّ﴾ بفتح الصاد على أنه منع الناس عن الإيمان، قالوا ومن صده قوله ﴿لأُقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ [ الأعراف : ١٢٤ ] ويؤيد هذه القراءة قوله ﴿الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله﴾ [ النساء : ١٦٧ ] وقوله ﴿هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام﴾ [ الفتح : ٢٥ ].
المسألة الثانية :